0 معجب 0 شخص غير معجب
146 مشاهدات
في تصنيف فتاوي بواسطة (177ألف نقاط)

هل كل ما وقع على سبيل المعجزة لأحد من الأنبياء يجوز أن يقع كرامة للأولياء؟

1 إجابة واحدة

0 معجب 0 شخص غير معجب
بواسطة (177ألف نقاط)
 
أفضل إجابة

ما حكم من يقوم بقياس الأولياء على الأنبياء والملائكة ؟

  • قلنا: إن قياس عالم الشهادة على عالم الغيب، أو عالم الملك على عالم الملكوت -على اصطلاح الصوفية- قياس باطل أو بالفارق، ومثله قياس الأعمال العادية على الخوارق، ثم قياس الكرامات على المعجزات بناء على أنهما من جنسها أو نوعها وتكون مثلها.

  • ومن العجيب أن يقع فيه السيوطي ومن نقل عنهم واعتمد عليهم وسماهم الأئمة، ومنهم تاج الدين السبكي الذي فرق بينهما في الرد على منكري الكرامات من أصلها، بأن الأصل فيها الخفاء والإخفاء، فلا يجوز إظهارها إلا لضرورة وصرح بهذا المحققون من الصوفية أيضًا، وبأنها لا تبلغ مبلغ المعجزة خلافًا لقول بعضهم: إن ما جاز أن يكون معجزة جاز أن يكون كرامة.

  • وذكر أن القشيري من أئمة الفريقين خالف في هذا أيضًا كما بيناه من قبل.

  • وأعجب من هذا أن يقيسوا هؤلاء الأولياء الخياليين أو المتخيلين على الأنبياء في كل ما ذكروا من خصائصهم ما صح فيه النقل منها وما لم يصح.

  • حتى في أمور البرزخ والآخرة.

  • وأعجب من هذا الأعجب أن يقيسوهم على الملائكة المقربين حتى جبريل معلم الأنبياء والمرسلين، وملك الموت قابض أرواح الجميع، إن هذا لهو الجهل العميق، إن هذا لهو الضلال البعيد، الذي يصح على قائسيه قوله تعالى: ﴿وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [سبأ: 53].

  • والله تعالى يقول لرسوله خاتم النبيين: ﴿قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ[٥٠]﴾ [الأنعام: 50]؟ بلى إن من يقيس هؤلاء المساكين الذين زعموا أنهم كانوا يوجدون في الأماكن المتعددة من الأرض على جبريل وملك الموت عليهما السلام، لا يتفكرون في سنن الله في الخلق، ولا فيما خص به كل عالم وكل جنس من الفروق والخصائص ولا في حكمته في ذلك.

  • ومن عجائب غفلتهم عن التفرقة بين الجنس الذي قال الله تعالى فيه: ﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 28].

  • والجنس الذي خصه عز وجل بأعظم القوى في العالم حتى أعظم أفراده قوة ومقامًا، كجبريل الذي قال تعالى بعد القسم في بيان تلقينه الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ[١٩] ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ[٢٠] مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ[٢١] وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ[٢٢]﴾ [التكوير: 19 - 22].

  • وقال في هذا المعنى أيضًا: ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى[٥] ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى[٦] وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى[٧]﴾ [النجم: 5 - 7] الآيات.

  • ثم إنهم على تجويزهم أن يكون وليهم المتخيل كجبريل يملأ الآفاق، وأن يظهر بالصور الكثيرة في كل مكان، يحرصون أشد الحرص على جسده الضعيف الفاني، فيستثنونه من عموم قوله تعالى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ[٢٦]﴾ [الرحمن: 26].

  • ويقولون: إنه يبقى في قبره كما كان في الدنيا يتعبد، ومنهم من قال: إنه يأكل ويشرب، ويخرج فيقضي حوائج الذين يتوجهون إليه بالدعاء والاستغاثة، ويتقربون إليه بالنذور والطواف بقبره كالكعبة، وبلمسه وتقبيله كالحجر الأسود (أي يعبدونه من دونه تعالى) ثم يعود إليه فينجحر فيه، وهو في خارجه مالئ للكون كله يتصرف فيه، ويوجد في كل حجر ومدر منه!! فما معنى محافظتهم مع هذا على هذا الجسد الذي كانت حياته كلها بالدم النجس عندهم، والذي كان يحمل العذرة كما يقولون في مواعظهم، وعلى هذه الحفرة الصغيرة التي وضع فيها، وقد أعطي هذه الخصائص والكرامات كلها؟ إنه لا يعجز بعض سدنة بعض هذه القبور المعبودة أن يؤلف لك رسالة أو كتابًا في جواب هذه الأسئلة المفحمة لمن يفقهها من العقلاء وعلماء الكتاب والسنة.

  • فإن الذي يقلد هؤلاء المؤلفين؛ لأنه يعتقد أنهم كانوا أرقى منه علمًا وعقلًا ودينًا وكرامة لا يتفكر ولا يعقل كما أمره الله؛ لأن عقله الفطري الخاص معطل لا حكم له ولا يحتاج إلى فهمه وإدراكه؛ ولأن العقل الكلي العام للمكلفين وهو هدى كتاب الله متوقف عندهم على منصب الاجتهاد وقابل لما لا يعقل من التأويلات، ورحم الله الإمام الشافعي الذي قال: إن الرجل إذا تصوف في أول النهار، فلا يأتي المساء إلا وهو مجنون.

  • قال هذا في صوفية عصره وفيهم العلماء الأعلام، فماذا يقول في الأدعياء من مقلدي المتشبهين بالصوفية هبوطًا إلى بضع دركات؟ نضرب للناس الأمثال العلمية نقرب بها إلى عقولهم أنباء نصوص الوحي في عالم الغيب؛ ليطمئن قلب المؤمن بإيمانه، ويجد بها المرتاب مخرجًا من ارتيابه، والغارق في بحر الخرافات منجاة من أوهامه، فتأتي هذه الحكايات التصوفية بفتن كقطع الليل المظلم يوسوس شيطانها لمستقلي العقول وحملة برهان العلم: إذا كان الملائكة وهم أقطابُ عالم الغيب المدبرون من وراء الحجب لأمور عالم الشهادة مثل هؤلاء الضعفاء الذين يسمونهم أقطاب البشر أو دونهم قوة وتصرفًا في ملكوت السموات والأرض، فأجدر بكم ألا تؤمنوا معهم بأولئك الأقطاب الذين لا تعرفون عالمهم الغيبي، حتى يروكم تصرف هؤلاء الأقطاب الذين تعرفون من عالمهم المادي ما لا يعرفون، وتتصرفون في عناصره ومركباته وقواه بما هو أعظم مما يدعون، ولكن في ضوء سنن الله في الكون وعلى صراط حكمته في نظامه، وبما يظهر لهم ولغيرهم عجائب صنعه وسعة رحمته بعباده، ومن حيث لا يظهر لما يدعون حكمة ولا فائدة، فشعوب المدعين لهذا التصرف من صوفية البوذيين والبراهمة والمسلمين أضعف من جميع شعوبكم، وقد أصبحوا كلهم عبيدًا لدولكم المنتفعة بتصرفكم، فهل تتبعون عبيدكم في دينهم لتصيروا مثلهم؟ قلنا مرارًا في المنار وفي تفسيره إن الصور التي يتشكل فيها الملك أو الجني قد تكون من الأثير الذي ينفذ من الأجسام الكثيفة، وإن مثل الملائكة فيما صرفها الله تعالى فيه كمثل هذه الكهرباء في قوتها وسرعتها وتأثيرها في مادة العالم.

  • وهذا المثل يقرب من عقولنا تصرف الملك في تحليل مادة الكون وتركيبها كما فصلناه في محله، ويقرب من عقولنا إمكان قبضه لما لا يحصى من الأرواح في وقت واحد، فهو كما يطفئ الرجل ألوفًا من المصابيح الكهربائية وينيرها في لحظة واحدة وهو في مكانه بعيدًا عنها، وقد غمز أحدهم زرًّا في أوربة فتحركت به ألوف من الآلات في أوسترالية، فليفعل لنا هؤلاء الأولياء مثل هذا في تصرفهم الروحاني في الكون لعلهم يؤمنون بالله فيتبعوننا أو ينتقم الله لنا منهم بتصرف غيبي، أقوى من تصرفهم المادي، قبل أن يفتنوا جميع حكامنا وكبرائنا بعلومهم عن ديننا فلا يبقى من المنتمين له أحد إلا هؤلاء العوام الجاهلون، الذي يصدقونهم فيما يزعمون.

اسئلة متعلقة

...